علي جمعة يرد على عدم استجابة الله لكثرة الدعاء

أكد الدكتور علي جمعة، المفتي السابق للجمهورية، أن عدم استجابة الله للدعاء، برغم إكثار العبد من الدعاء به، لا يعني أنه علامة غضب من الله، مشيرًا إلى أن الله يرقي عبده بعدم الاستجابة لدعائه.
عدم استجابة الدعاء من الله لعباده كانت محل سؤال وجهه أحد المتابعين للدكتور علي جمعة، حيث قال: “أدعو الله كثيرا ولا يستجاب لي فهل هذا علامة على غضب الله والعياذ بالله؟”
وأجاب الدكتور علي جمعة عن عدم استجابة الدعاء من الله، من خلال فيديو بثه عبر صفحته بموقه التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، فقال: “لعل الله أن يرقيك في ذلك، لأنك عندما تدعو الله تأخذ ثواب، وتدعو مرة أخري فتأخذ ثواب، وفي يوم القيامة تتمنى ألا يكون الله قد استجاب لك، لأنك ستجد الثواب عظيما”.
جدير بالذكر أن دار الافتاء المصرية أجابت على فتوى عن سؤال جاء فيه “أشعر أنني غير مستجاب الدعوة لأسباب لا أعرفها. فما حكم ذلك؟”
وأجابت دار الافتاء قائلة: “ينبغي على المسلم أن يحسن ظنه بالله تعالى، ويعلم أن الله تعالى قريب من عباده رؤوف رحيم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ يَقُولُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي) رواه مسلم.”
وأوضحت دار الإفتاء، في فتواها، أن حسن الظن بالله تعالى قربة يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى، تفتح له أبواب الخير والتيسير والرحمة؛ لأن الله تعالى يعاملنا على حسن ظننا به، وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا أُعْطِيَ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ شَيْئًا قَطُّ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ يُحْسِنَ ظَنَّهُ بِاللهِ وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَا يُحْسِنُ عَبْدٌ بِاللهِ ظَنَّهُ إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْخَيْرَ بِيَدِهِ) رواه البيهقي.
وأكدت دار الإفتاء المصرية أن “تفكر المسلم في رحمة الله به وتوفيقه له ازداد قربًا منه، فمن توفيقه له أن عرفّه على أصحاب الدعوة المستجابة، ودله على طريق الخير، ويسر له أمور دينه ودنياه، وميزه عن بني جنسه ممن لا يعرف طريقًا إلى الله تعالى، فإذا عرف ذلك وتفكر فيه ازداد يقينه بالله تعالى وأقبل على الله تعالى بالدعاء والتضرع.”
قال الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) البقرة/ 186.
ونبهت دار الإفتاء المصرية، في فتواها عن استجابة الدعاء، إلى أن استجابة الدعاء لا يلزم إعطاء السائل عين ما سأله، بل قد يدخرها الله تعالى له إلى يوم القيامة، أو قد يدفع عنه مصيبة في الدنيا؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاثٍ: إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وَإِمَّا يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِمَّا أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُ السُّوءَ بِمِثْلِهَا) رواه ابن أبي شيبة.
وحذرت الافتاء من القنوط من رحمة الله تعالى، وطالبت بالإلحاح على الله عز وجل بالدعاء، قائلة: “الدعاء عبادة تظهر فيها فقرك وذُلّك لله تعالى، وعليك أن لا تتعجل الإجابة، قال صلى الله عليه وسلم:(لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ), قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الِاسْتِعْجَالُ؟، قَالَ: (يَقُولُ: يَا رَبِّ قَدْ دَعَوْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ، فَمَا أَرَاكَ تَسْتَجِيبُ لِي، فَيَدَعُ الدُّعَاءَ) رواه مسلم.”
وأكدت الإفتاء أن استجابة الدعاء فضل من الله تعالى، يمنّ به على عباده المقبلين عليه، ولا علاقة له بكثرة الأعمال، موضحة أنه لا يلزم منه إعطاء السائل عين ما سأله، فعلى المسلم أن يكثر من الدعاء لله تعالى بنفسه، أو يطلب من غيره الدعاء له؛ “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ) أخرجه أبو داود والترمذي.”