فنون

محمود المليجى، مجرم الشاشة الذي سيطرت على حياته فنانة، ومشهد وفاته أغرب من الخيال

برع في تمثيل شخصية المجرم وتاجر المخدرات وزعيم العصابات، زاد رصيده الفني عن 500 عمل بين مسرح وسينما ودرامى، عملاق في التمثيل، منها 21 فيلما ضمن افضل 100 فيلما في تاريخ السينما المصرية،يؤدي أدواره ببراعة ليس لها مثيل، ولقب بأنتونى كوين الشرق لأدائه العظيم فى فيلم “القادسية”، كما استطاع أن يجمع بين أدوار الشر والخير فى اعماله حتى حقق جماهيرية واسعة طوال مشواره الفني.

ولد الفنان محمود المليجى عام 1910 بحى المغربلين بالقاهرة، جذوره من المنوفية،ونشأ في بدايته بحى الحلمية، التحق فى بداية حياته بفرقة التمثيل بمدرسة الخديوية الثانوية حيث شجعه مدير المدرسة على التمثيل لإعجابه بأدائه، وعندما حضر الفنان المسرحى عزيزعيد ليدرب فريق المدرسة أعجب به وتنبأ له بمستقبل كبير مما دفعه الى التفانى فى تعلم التمثيل والاجتهاد فيه.

البداية ملقنا فى فرقة رمسيس 

وفى احد عروض المدرسة حضرت الفنانة فاطمة رشدى مع عزيزعيد، وانبهرت بأدائه وعرضت عليه العمل فى فرقتها، فقدم أدوارا صغيرة فى مسرحيتى مجنون ليلى، 667 زيتون، مقابل اربعة جنيهات فى الشهر، ثم انتقل بعدها الى فرقة رمسيس للعمل ملقنا مقابل عشرة جنيهات شهريا.

البداية مع ام كلثوم 

ونظرا لانبهار فاطمة رشدي بالفنان  محمود المليجى انتجت له فيلما عام 1932 بعنوان ( الزواج على الطريقة الحديثة )، ثم اختاره المخرج بدر لاما لأداء دور قيس في فيلم ” قيس ولبنى ” إلا أن المرحلة السينمائية الأهم في حياته كانت في فيلم وداد أمام السيدة أم كلثوم، ليختاره المخرج يوسف شاهين بعد ذلك في دور أحمد أبو سويلم بفيلم ” الأرض ” عن قصة عبد الرحمن الشرقاوى ليقدم للسينما المصرية اكثر من 400 فيلما ووصفه المخرج يوسف شاهين بالفنان الذى يقدم دوره بتلقائية لا توجد عند أي ممثل آخر، ومن هنا كان محمود المليجى شريكا في معظم أفلام المخرج يوسف شاهين. 

الجوكر فى المسرح 

ويحكى المؤرخ عبدالله أحمد عبدالله الشهير بـ”ميكى ماوس” فى مؤلفه عن مشاهير عماد الدين ويستكمل: بشر الملقن محمود المليجى فى اليوم التالى بموافقة يوسف وهبى على انضمامه الى الفرقة وسفره مع الفرقة في جولة الى البلاد العربية، وقدم له خمسة جنيهات لتجهيز نفسه للسفر، وبالفعل رافق محمود المليجى الفرقة وقدم أكثر من شخصية فى جولات الفرقة، فكلما مرض ممثل حل محله حتى أطلق عليه “الجوكر” وبدأ يلمع فى الفرقة عندما عادوا إلى القاهرة.

رفض الاساءة لمصر 

رفض الفنان محمود المليجى المشاركة في الفيلم العالمي “وادي الملوك”، من بطولة “روبرت تايلور” وإخراج “ويليام تيديرلي”؛ لأنه كان من المفترض أن يجسد شخصية مصري يبيع آثار بلده، ويتصدى له شخص أجنبي، وهو ما أشعر “المليجي” بالإساءة للمصريين إذا وافق على أداء هذا الدور فرفض من منطلق وطنيته وغيرته على بلاده.

دور محمد ابو سويلم الرائع 

وظل الفنان محمود المليجي يقدم أدوار الشر بامتياز ثم كان التحول الرهيب في عام 1970 وهنا ظهرت عبقرية المليجي حينما شارك في ملحمة “الأرض” مع المخرج يوسف شاهين ليقدم المليجي دوره الرائع “محمد أبو سويلم”.. الفلاح الذي تمثل له الأرض جزء من لحمه ودمه ظل يذود عنها ضد الهجانة وعصابة محمود بك الإقطاعي ومعه نفر من الفلاحين الباسلين  حتى مات وهو يرويها بدمائه.. الأرض لو عطشانة نرويها بدمانا وهو واحد من أروع الأدوار في تاريخ السينما ويصنف الفيلم بأنه ثاني أعظم فيلم في تارخ السينما المصرية.

يتحدث الفنان محمود المليجى عن نفسه ويقول:” نقطة الضعف في حياتي، هي شخصيتي المتواضعة أكثر من اللازم، فالتواضع بالنسبة لي نقطة ضعفي، أفتح للناس أبوابي، وأشيلهم على أكتافي من غير ما أتألم ولا أشكي، ونقطة قوتي، هو حبي لعملي طالما أعمل فأنا قوى، طالما أنا لدى القدرة على الاختيار فأنا قوي، وكان أكبر خطأ في حياتى  هو قراري في إنتاج الأفلام، لأنني فشلت فيها جميعا، وتسببت الخسائر في متاعب كثيرة  والمسرح هو الأحب إلى قلبي ثم التليفزيون تليهما السينما.

زيجات محمود المليجى 

تزوج الفنان محمود المليجى من الفنانة علوية جميل زميلته فى فرقة رمسيس وكانت أكبر منه سنا ذات شخصية قوية بعد قصة حب جارفة، إلا أنه تزوج عليها فى أواخر الخمسينات من الممثلة الناشئة فوزية الأنصاري، ولم يستمر الزواج اكثر من شهرين ثم تزوج من الممثلة درية أحمد لكن اتصلت بها علوية جميل، وقالت لها إنتي طالق، واجبرته على طلاقها بعد ثلاثة ايام فقط من زواجها، وفى السنوات الأخيرة من حياته تزوج من الفنانة سناء يونس التى اخفت زواجها منه حتى بعد وفاته حتى انها رفضت ميراثه حتى لا تصرح بزواجها منه لمدة عشر سنوات وفاءً منها للسر الذى أخفاه عن الجميع.

ويبدو أن عشق المليجي للفن كان بلا حدود حتى أن نهايته كانت درامية، فقد توفي الفنان الراحل في “لوكيشن” تصوير، والأكثر غرابة أنه توفي وهو يستعد لتصوير آخر لقطات الفيلم التليفزيوني ” أيوب” مع الفنان عمر الشريف 

مشهد رحيل المليجى 

ويحكى المخرج هانى لاشين يحكى لحظات رحيل المليجى ويقول: بينما كان فريق العمل يستعد لتصوير المشهد الأخير في الفيلم كان الجميع جالسًا للتحضير للمشهد وتم تجهيز الماكياج وطلب كل من عمر الشريف والمليجي قهوة، وفجأة وبلا مقدمات قال المليجي لعمر الشريف “يا أخى الحياة دى غريبة جدا الواحد ينام ويصحى وينام ويصحى ويشخر” وحينها أنزل رأسه للأسفل وصدر منه صوت شخير فانبهر الحضور واعتقدوا أن الفنان الراحل يُمثل وبدأ الجميع في الضحك والانبهار من أداء المليجي الواقعى والمفاجىء، لكنه لم ينه المشهد فقال له عمر الشريف: يا محمود خلاص بقى اصحى المشهد خلص، لكن كان محمود المليجى قد فارق الحياة اثر اصابته بأزمة قلبية مفاجئة عام 1983.

وقد كشف مؤخرا المهندس يسرى حفيد السيدة علوية جميل من زوجها السابق عن أسرار في حياة الفنان الراحل محمود المليجى منها انه كان يحب العزلة، وليس اجتماعيا، ويهوى القراءة والدهان على الخشب بالرغم من انه كان يعانى من عمى ألوان ولا يفرق بينها، وكان رجلا طيبا للغاية ورغم ذلك كان يطلق عليه شرير السينما.

اول فنان فى مجلس الشورى 

كـان المليجى إنسانًا طيب القلب مع زملائه الفنانين وأبًا روحيًا لهم، وحصل خلال مشواره على العديد من الجوائز والأوسمة والتكريمات، وكان أول فنان مصري يتم اختياره عضوًا بمجلس الشورى تقديرًا لفنه ومكانته، كما حصل على جائزة الدولة التقديرية في الفنون، وهي من أرفع الجوائز المصرية، وتوفي عن 73 عامًا في السادس من يونيو 1983.

إقرأ أيضاً

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock